الأسماء الحسنى وآثرها في البنية والدلالة في الصّحيفة السجّاديّة

الملخص

الصحيفة السجاديّة للإمام علي بن الحسين بن أبي طالب (عليهم السلام) نصّ دينيّ يجذب المتلقين  لغناه المعرفي، إذ يحتوي على أربعة وخمسين دعاءً، تتضمن مقاصد و معارف تكوّن موضوعات متعدّدة، ترتبط بحاجات الداعي، ومقامات المناجاة، مثل: تحميد الله والصلاة على الرسول محمّد وآله، والمهمات، وطلب الحوائج، ومكارم الأخلاق، وغيرها.
والأدعية تمتاز باختلاف الطول والمساحة النصيّة لكلّ دعاء، فمنها أدعية قصيرة لا تتجاوز صفحة ً،  مثل دعاء في المحذورات، رقم (18)، ودعاء في الاعتذار، رقم (38). ومنها ما يتجاوز الصفحة، مثل دعاء الاستعاذة، رقم (8)،  ودعاء الاشتياق، رقم (9)، وغيرهما، وفيها ما يصل طوله إلى أكثر من سبع عشرة صفحة، كدعاء يوم عرفة، رقم (47) وهو أطول دعاء موجود في الصحيفةالمباركة. إذا ً هناك بناء نصيّ متنوّع طولا ً ومعنى ً وموضوعا ً،  يدعو الباحث إلى معرفة قانون تشكيل هذه النصوص، والمؤثرات اللغوية والمعرفية التي أدّت إلى ظهور هذه الأشكال المتنوّعة، والمكوّنة بوساطة البنى الداخلية المتماثلة أو المكرّرة، وقد توسّل الباحث بآليتين من آليات المنهج النّصيّ، هما:
1 ـ الربط النصيّ هو الأساس في توليد البنية، فالفقرات المتتالية إذا ربطها نظام اللغة لفظا ً، ومعنى ً، تستطيع أن تؤلف بنية ًمستقلة ً،  قد يجد الباحث فيها عوامل التأثير في إنتاج النص.
2ـ المرجعية المعرفية في تفسير الأدعية، وتحليلها، هي الصحيفة ذاتها لقدرتها على البيان والتوضيح، ولارتباطها المعرفي بنفسها، ((فالنص عالم دلالات وبنيات يتمّ إنتاجها من خلال ذات النص)) (1).
والأدعية كلّها تترابط دلالة ًوسياقاً، وتتآزر في خلق بنية كليّة واحدة تتمحور حول موضوع كليّ رابط هو الدعاء . وُتوجد أسلوبية ًخاصة ً به، يمكن أن ُتدرك من وحدته الكلية من غير تقطيع النص إلى أجزاء قد ُتعطي رؤية ً تبتعد عن أسلوبيته المنجزة في وحدته.
وهي أسلوبية تقوم على أساس البراءة العفوية من عنف التناص، وتتحرّر من آثار النصوص   البشرية المنتجة  لدى غير المعصوم  ((لأنّه لا فكاك للإنسان من شروطه [التناص] الزمانيّة والمكانيّة ومحتوياتهما، ومن تاريخه الشّخصي أي من ذاكرته)) (2).