اللون ودلالته الفنية في ديوان الحماسة لأبي تمام ( باب الحماسة أنموذجا )

الملخص

ان العالم يدور من حولنا بألوان شتى ، فأينما ينتقل الإنسان بنظره وجد لونا يرتبط بإنسان أو حيوان ،أو جماد أو نبات . بل إن هذه الألوان تعد الوسيلة الأولى للتمييز بين الأشياء ،عندما تختلط الأمور ، وقد أدرك الإنسان هذه الحقيقة منذ القدم ،وفطن الشعراء إلى فاعلية اللون وعلاقته بالعمل الشعري ، وانعكاساته الإبداعية ، وتأكدوا أن هنالك جاذبية يحققها اللون ،فتجعله عنصراً من عناصر التشكيل الجمالي في الإشعاع الشعري ، وبذا تكون هنالك عملية تجاذب جمالية بين الشاعر والمتلقي ،وأكثر ما تثير هذه العملية التفاعلية المقدرة اللغوية ،تلك المقدرة التي تطاوع منشأها لتكون فذة،قادرة على أن تمده بما يحتاج من أصابع إبداعية معبرة عن مكنوناته الدلالية .
  وانطلاقا مما سبق فقد اخترت أن أدرس اللون وابعاده في ديوان الحماسة ،وقد عمدت إلى اختيار باب الحماسة فحسب ذلك لسعة هذا الديوان وضخامته ،محاولة سبر غور دلالات الألوان وتبايناتها المختلفة ،وانعكاساتها النفسية ،وقد كانت أمامي طبعتان لديوان الحماسة الأولى بتحقيق غريد الشيخ وهي برواية أبي احمد بن محمد المرزوقي (ت 421هـ) والثانية بتحقيق الدكتور عبد المنعم احمد صالح وهي برواية الجواليقي (ت540هـ ) ،وبعد موازنتي للنصوص وللقدرة التحقيقية للتحقيقين فقد اخترت تحقيق المرزوقي وذلك لسببين الأول أن رواية المرزوقي كانت أكثر إلماماً بهذه النصوص ،والسبب الثاني أن التحقيق كان أكثر تكاملاً من التحقيق الأخر .
   وقد قسمت بحثي على فقرات حملت عنوانات لونية ،وزعتها متسلسلة بحسب كثرة وجودها في الديوان ( باب الحماسة ) وقد سبق هذه الفقرات مدخل جاء في دراسة اللون في اللغة والاصطلاح ،ثم نظرة فيه ،إذ عُدَّت هذه الوقفة ركيزة لا يمكن للبحث القيام بدونها .
  وجاءت الفقرة الأولى بدراسة اللون الأبيض في باب الحماسة وذلك لما  لهذا اللون من مجالات استعمالية متنوعة في التعبير الشعري ،والصقل اللغوي والطواعية الصورية عند الشعراء . باعتباره أكثر الألوان سعة وانتشاراً في باب الحماسة ،يليه اللون الأسود إذ فرض هيمنة واسعة للنظرة الدلالية لدى الشعراء ،وبعده اللون الأحمر وهو من بين الألوان التي برزت في هذا الباب ،وأخيراً الأخضر بوصفه لوناً مميزاً  لدى الشعراء ،ثم اتجهت إلى خاتمة تلخص بحثي وتعرض أبرز النتائج التي توصل إليها البحث .