الحكمة في شعر الجواهري دراســــــة أدبيــــــة

الملخص

من المعروف لدى المثقف العربي المعاصر آن الأستاذ محمد مهدي الجواهري هو أحد عباقرة الكلمة الشعرية وصاغة القافية العربية الكبار ملأ القرن العشرين نشيداً وتغريداً يحدو بركب القصيد نحو ذرى قصائده السواحر المخضبات بنجيع دمِ الشهداء والمضمخات بأريج مجد الثائرين وهو ثالث النهرين الخالدين في عراق الرافدين، فأنه نهرٌ من شعر يفيض على قلوب محبيه ومهج عاشقيه من متذوقي الشعر ونقاده ، إذ لم يترك الجواهري بقعة إلا وأضاءها بنور الموهبة، وسبر أغوارها يستجلي مكامن حسنها، وأسرار جمالها بلغة جدد أثوابها بذوق الشاعر وبصيرة الحكيم.
    والجواهري في هذه الدراسة كما سنرى هو شاعر حكيم اترع كؤوس الضاد بحكم نادرة انبثت بين شرايين قصائده وعروق قوافيه واضحة مترفةً سلسة منسابة انسياب السكر في أحشاء ثمرات الخوخ او حبات العنب اليانع، ومع ذلك فإن الباحثين لم يتنبهوا على هذه الإشراقة المعرفية والفنية في شعره  بما فيهم من درس الجواهري مثل الأستاذ عبد الكريم الدجيلي والأستاذ حسن العلوي والأستاذ جبرا، والدكتور علي عباس علوان، والدكتور عبد الحسين شعبان والدكتور زهدي محمد زهدي والدكتورة وسام الخالدي.. والعشرات من النقاد والكتاب في مقالاتهم التي جمعتها الدكتورة خيال الجواهري في كتاب ((مسيرة قرن))، ولعل انعدام الإشارة إلى ما في شعر الجواهري من حكم أو القيام بدراسة متخصصة فيها إنما يأتي امتداداً للموقف النقدي العربي العام إزاء الحكمة الأدبية إذ لم تنل ما تستحق من عناية الباحثين وقد لا يتجاوز عدد الدراسات في الحكمة أصابع اليد، وهنالك دراستان في حكمة وادي الرافدين ودراسة واحدة في الحكمة الشعرية الجاهلية وفي العصر العباسي دراستان فقط هما: (الحكمة في شعر المتنبي) و(الموازنة بين الحكمة في شعر المتنبي والحكمة في شعر المعري) أما العصر الحديث فلم نقرأ أو نسمع بمن كتب عن الحكمة الشعرية فيه على الرغم من كونه عصراً شهد ولادة شعراء حكمة كبار وهم: شوقي وحافظ وإيليا أبو ماضي وبدوي الجبل والشرقي والجواهري..