التماسك النصي في شعر أحمد مطر (قصيدة العشاء الأخير أنموذجا)

الملخص

ربما كانت أول عبارة للنقد الحديث لنشوء فكرة الالتزام هي ((العبارة المأثورة عن الناقد والشاعر الانجليزي المشهور كولردج, التي يقرر فيها أنَّ الأدب نقد للحياة))^([i]), والشاعر الملتزم لايستجدي التصفيق, وإنما للشعر وظيفة الدفاع عن إنسانية الإنسان في هذا العالم^([ii]), وإن (( الجهاز النفسي لدى الانسان كان موحدا , وإن الشعر وسيلة لإيجاد هذه الوحدة المفقودة))^([iii]), فالادب (( هو صورة معبرة تعبيراً حقيقياً عن المجتمع الذي يحيا فيه الأديب والذي تربي في أحضانه منذ نعومة أظفاره وقد تفاعل مع مقوماته المتباينة )) ^([iv]).

إن الشعر الملتزم هو مزيج من السياسة والاجتماع والمفاهيم الوطنية , ولكنه ينماز في الغالب بالعنف والقسوة فهو ثورة في السياسة والمجتمع . ويصبح الأدب الملتزم مستساغا لدى الشعب, فهو الذي ينقل الأفكار في عالم المثل إلى عالم التطبيق الفعلي^([v]), والثورة في أسلوب الشعر السياسي (( ليست سوى اصطدام بالنقائض التي يعاني منها المجتمع, وليست محاولة لتحطيمه , وإنما هي محاولة لتنبيهه أو إيقاظه أو تطويره))^([vi]).

 إنَّ طبيعة الأوضاع العربية وأحوالها غير المستقرة , من الأسباب التي تظهر شاعراً ثورياً, إضافة إلى أنَّ الشاعر يمثل الأنموذج المثقف الذي يميز بشكل سريع كشف التناقضات الحاصلة , والتفاعل بينه وبين الحياة, فيعبر الشاعر عن حزنه للواقع المؤلم الذي تعيشه الشعوب المحرومة ,  ((إن بعض محاور النغمة الحزينة في شعرنا المعاصر قد تكون أصولها وافدة, كالإحساس بالغربة والضياع والتمزق ))^([vii]), فنزعة الحزن (( في شعرنا المعاصر قد أضافت إلى التجربة الشعرية بعامة آفاقاً جديدة زادتها ثراء وخصب))^([viii]).