النقدُ والتاريخ
Abstract
تمثّلُ علاقةُ الرواية بالتاريخِ واحدةً من الإشكاليات النقديّة والثقافيّة
الكبرى التي تواجهُ النقد الحديث، خاصّة في عصرنا الحديث، وبعد أن
أصبحت الروايةُ الجنسَ الأدبي المهيمن في عالمِ الكتابةِ حتى وصِف
عصرنا بحق بأنّه عصر الرواية.
وعلاقة التاريخ بالرواية، كما هو واضح ليست علاقةً عابرةً أو
عرضيّةً. فعندما ظهرت الرواية جنساً أدبيّاً جديداً اقترنتْ في الغالبِ
بالتاريخِ، فوجدنا روايات السير والتر سكوت التاريخيّة وروايات
الفروسيّة التي عبّرت عنها روايات ألكسندر دوماس، ووجدنا قبل
ذلك، أنموذجاً نقديّاً ساخراً لتاريخ فروسيّة العصور الوسطى في
رواية «دون كيشوت » للروائي الإسباني سرفانتس. وإن الرواية العربية
هي الأخرى قد اقترنت في بدايتها بالتاريخِ أيضاً كما كانت الحال مع
رواياتِ جورجي زيدان التاريخيّة والمويلحي وأبو الثناء الآلوسي في
العراق.
ولكن، مع صعودِ الاتجاهات الطبيعيّة والواقعيّة في العصرِ الحديث
حدثت قطيعة واضحة مع التاريخ ومن ثمَّ مع الرواية التاريخيّة، وراحت
الرواية وكلّ فنونِ السردِ تُعنى بوصفِ الواقعِ الاجتماعي والسياسي
الحاضر وأحياناً السيكولوجي لما يدور في عصرنا. بل إن بول ريكور
في كتابه «الزمان والسرد » قد ذهب إلى القولِ إن التاريخ هو سردٌ ولذا
ألحق الخطاب التاريخي بالسردِ، وهذا ما دفع بالمؤرّخ والناقد الأمري