دراسة نقديّة في تراسل الحواس (عند نازك الملائكة)
Abstract
إنّ الصّورة الحسيّة هی المصدر الأساسيّ للصّور الشّعريّة، وظاهرة تراسل الحواسّ تعَدّ مظهراً هامّاً من مظاهر الواقعيّة والحسيّة في الصّور الشّعريّة؛ والشّعراء المعاصرون لايستعملون تقنية تراسل الحواسّ ليمنحوا الشّعر صورة جماليّة فحسب، بل تلعب الصّور الترّاسليّة دورا مؤثّرا في تجسيد غاية الشّاعر وتأثير الظّواهر التّعبيريّة، وتعتبر أداة رمزيّة في الشّعر الحديث. "نازك الملائكة" الشّاعرة العراقيّة المعاصرة هی الّتي قد قامت بتوظيف آلية تراسل الحواسّ في أشعارها علی مستوی وسيع للتّعبير عن أفكارها واختلاجاتها النّفسيّة.
خلصت الدراسة إلی أنّ الصّور الترّاسليّة تتجلّی في أشعار نازك الملائكة بأشكال مختلفة، منها: المزج بين الإنطباع البصريّ والسّمعيّ، والمزج بين المدرك البصريّ واللّمسيّ، والمزج بين الإنطباع البصريّ والشّمّي، والمزج بين الحسّ البصريّ والذّوقيّ. فكانت الصّور التّراسليّة أحسن تعبير للشّاعرة الّتي تحمل مصاعب الحياة والمجتمع الّذي تعيش فيه ولها إحساس مرهف.
الكلمات الدليليّة: الشّعر العراقيّ المعاصر، نازك الملائكة، النّقد، تراسل الحواسّ
المقدّمة
يعدّ تراسل الحواسّ شکلا من أشکال بناء الصّورة التي يعتمد الشّاعر فيها علی «وصف مدرکات کلّ حاسّة من الحواسّ بصفات مدرکات الحاسّة الأخری[i]»؛ فتراسل الحواسّ إذن يقتضي وجود حاسّتين أو أکثر، ويتلاشي الحدّ الفاصل في الإختصاص بين الحواسّ ويمکن تحديده بأنه «الصّور المتجاوبة أو المتراسلة أو المزدوجة أو المحوّلة کلّها اصطلاحات تحمل دلالة واحدة، وهي الصّور التّي تصف مدرکات حاسّة من خلال حاسّة أخری فتعطي المسموعات ألوانا. وتهب الألوان أنغاما وتصيّر المرئيّات عاطرة، وتجعل المشمومات ألحانا[ii]»، ويطلق عليه "التّوظيف المجازيّ للحواسّ"، والمقصود من التّوظيف المجازيّ للحاسّة هو «إستدعاؤها لمحسوسات لاتنتمي منطقيّاً ولا وظيفيّاً إلی طبيعتها العضويّة..... إنّ الحواسّ تغادرمصطفی السّعدني، التّصوير الفنّيّ في شعر محمود حسن اسماعيل، ص95.[i]
نعيم اليافي، تطوّر الصّورة الفنيّة في الشّعر العربيّ الحديث، ص158.[ii]
