Vol. 2 No. 2 (2013): Kufa Review | مجلة الكوفة

تطلُّ مجلةُ الكوفة من جديد وفيةً لشروط تأسيسها التي تُشكّل بوصلة عمل فريق تحريرها، فهي مستمرة في الحفاظ على انتظام صدورها واستمرار المستوى الأكاديمي لما تقدّمه لقرائها، من خلال المراجعة المتحفظة للمقالات، وقبول تلك التي تتوفر فيها أفضل مواصفات الرصانة الأكاديمية، وكذلك تواصل مشروعها العلمي الذي يقوم على مبدأ واحد لا تفريط فيه: "الاجتهادُ المتأسّسُ على معرفةٍ وتحليل".في هذا العدد يقدّمُ الباحثون ثمرةَ جهودهم في مواضيع شتى، يتصل بعضها مباشرة بالحراك السياسي والاجتماعي الذي بدأت علاماتُه الأولى قبل أكثر من عامين وما تزال نتائجُه عصيّة على التوقّع، ولكنها ليست عصيّة على ما يهمّنا في هذه المجلة التي تُعنى بالتحليل والاجتهاد في البحث والاستنتاج.تتوزع المقالات بين الاجتهاد البحثي في المقدمات التاريخية للحدث المعاصر وتمثلاته الراهنة، مروراً بالمؤثرات المعرفية والثقافية والاجتماعية، في بحوث تركّزُ تارة على بلد بعينه، كالعراق، وتارة تخطو خطوات إلى الوراء لتظهرَ ملامحَ الصورة العربية كاملة في سياق شامل تتفاعل فيه العناصر الإقليمية مع الخصوصيات الفردية لكل واحد من مجتمعاته.أما المقالاتُ التي لا تبدو للوهلة الأولى منتمية إلى الحدث الراهن فقد اختيرت بوعي، لأنها تسلّط الضوءَ على جوانب اجتماعية وثقافية، وربما سياسية أيضاً، تتصل مباشرة بمقدمات أزماتنا الراهنة أو نتائجها، أو على المقدمات والنتائج معاً. فالشعور بالغربة لدى العراقي في بلده، في مقالة أوريت باشكن، يتناغم مع شعور العراقي بغربته في المنفى كما رصدته هايدي ماري وولفيل. وما البعد التاريخي بين الغربتين إلاّ ذلك الإطار المحيط بالصورة القاتمة لأزماتنا التي تتفاعل على مدى أكثر من نصف قرن.لقد حرصت مجلة الكوفة على أن يقدّم كلّ عدد منها فناناً تشكيلياً يتميز عمله بالتجديد و"الاجتهاد" ليتكامل الحرف مع اللون والخطوط في رسالة فكرية عابرة للأجناس الأدبية والفنية، وقد وفقنا في الأعداد السابقة لتقديم أعمال وفنانين أثْرَوا المسيرةَ الفنية بمساهماتهم في الوطن والمنفى. اختيارنا في هذا العدد يقدّمُ عنصراً آخرَ إلى ما سبق: لوحتا الفنان ياسين عطية، الذي صار جسدُه شبيهاً بلوحتيْه في انفجار مفخّخة ببغداد في 30 أيّار/مايو الماضي، شاهدتان تختزلان وطناً هو للعراقيّ رحم وضريح، وما بين الميلاد والموت يتمدّد منفى. لوحتا ياسين عطية، وإن احتلّتا غلافَ العدد، إنما تمثلان بحثين يتكاملان مع ما في داخله من مقالات تجتهد في فهم واقعنا العربي فكرياً واجتماعياً وسياسياً ووجودياً.ختاماً، ونحن نسير بثقة في السنة الثانية من عُمر المجلة، يجدد فريقُ تحرير مجلة الكوفة دعوتَه لزملائنا الأكاديميين والباحثين إلى المشاركة في هذا المشروع الجريء لخلق مساحة علمية وفكرية تتكامل فيها الرؤى المختلفة ووتواجد معاً، وتتجلى فيها المهنية العلمية والرصانة الأكاديمية.