أثر الشّعر في البـُـنى الصّرفية
DOI:
https://doi.org/10.36318/jall/2011/v1.i12.6550الملخص
لم يغب عن بال علماء العربية وهم يضعون القاعدتين النحوية والصرفية، ما للشعر من أهمية بالغة في رصد الظواهر التي تعزى للشعر من مستويات الكلام العربي الأخر، والشعر عندهم بمنزلة إذ إنهم أجازوا للشاعر ما لم يجيزوا لغيره بحسب ضوابط معينة .والشعر في الكلام العربي له حيثية مقدسة فهو ديوانهم الذي حمل أخبارهم، ووصف حياتهم، وحفظ تأريخهم، والشاعر له منزلة سامقة بينهم فهم يفرحون به أكثر من فرحهم بفرسانهم وهو بحسبان ذلك يحمل من الإمكانيات التي يصرف فنه فيها ما يجعل اللغة مطواعة لما ينصرف إليه، مسجلة ما يقوله، وحافظة له نظامه الخاص الذي قالوا عنه إنه لا يجوز إلا له .
وقد حظي الشعر بمنزلة كبيرة حتى عند المفسرين والفقهاء، فحين يسأل ابن عباس ت (61 هـ) عن معنى (الحرج) يقول: " إذا تعاجم شيء من القرآن فانظروا في الشعر فإن الشعر عربي " ثم دعا عربيا فقال له: " ما الحرج ؟ قال: الضيق قال (ابن عباس) صدقت".
وحين يتحدث العلماء عن موضوع الارتجال في اللغة يعمدون إلى رصد ظواهر أخذت عن شاعر، قال ابن جني (ت 392 هـ) في: " باب الشيء يسمع من العربي الفصيح لا يسمع من غيره " فقد حكى أن أحمد بن يحيى ثعلب، أنه قال: " حدثني بعض أصحابي عن الأصمعي أنه ذكر حروفا من الغريب، فقال: لا أعلم أحدا أتى بها، إلا ابن أحمر الباهلي، منها (الجبر) وهو الملك وإنما سمي بذلك – أظن – لأنه يجبر بجوده، وهو قوله:
إسلمْ براووقٍ حُـبيـتَ بهِ
وانعمْ صباحًا أيـّها الجبْرُ
ومثلها كلمة (المأنوسة) في قوله:
كما تطايرَ عن مأنوسةَ الشررُ
ويمضي (ابن جني) مستشهدا على ارتجال (ابن أحمر الباهلي) فيما سماه بـ (الارتجال اللفظي) مثل :(كأس رَنُـوْناة) أي دائمة، نحو قوله :
بَنَـتْ عليهِ المُلكُ أطنابَها
كأسٌ رَنـَوْناةٌ وطِرْفٌ طِمِرْ
ومثلها (الديدبون) وهو اللهو و(مارية) أي لؤلؤية لأنها بلون اللؤلؤ و(الحَيـْرَم) وهو (البقر) قال الأصمعي (ت 216هـ): ما أتى به غيره يعني به ابن أحمر الباهلي ثم يوجه ابن جني هذه الظاهرة ويرى في أحد توجيهيه : " أن الأعرابي إذا قويت فصاحته، وسمت طبيعته تصرف وارتجل ما لم يسبقه أحد قبله "
وهذه شهادة من (الأصمعي) و(ابن جني) على ما كان للشاعر دون سواه في ارتجاله لبعض الكلمات، وهو ما يسجل براعة للغة عبر آدابها، وأدبائها من اتساع واستيعاب لكل المعاني التي يريدها المتكلم .
وكانوا بعد ذلك وإذا استعصى عليهم فهم مفردة من مفردات القرآن يفزعون إلى الشعر، فحين سئل عن (ساق) في قوله تعالى: ((يوم يكشف عن ساق)) يقول: " إذا خفي عليكم شيء في القرآن فابتغوه في الشعر فإنه ديوان العرب أما سمعتم قول الشاعر:
وقامتْ الحربُ بنا على ساقْ
هو يوم كرب وشدة "
ولقد استدل (ابن فارس ت 395 هـ) على صحة مادة (طمش) أنها من كلام العرب لمجيئه في الشعر قال: " ولولا أنه في الشعر لكان من المشكوك فيه لأنه لا يشبه كلام العرب" ، وفيما يأتي نماذج رصدها العلماء العرب في هذا الميدان الواسع من اللغة العربية .
التنزيلات
بيانات التنزيل غير متوفرة بعد.
التنزيلات
منشور
2011-01-07
كيفية الاقتباس
السلطاني فارس حسن. "أثر الشّعر في البـُـنى الصّرفية". مجلة اللغة العربية وآدابها, م 1, عدد 12, يناير، 2011, ص ٢٤٩ - ٢٧٦, doi:10.36318/jall/2011/v1.i12.6550.
إصدار
القسم
بحوث محكمة
الرخصة
الحقوق الفكرية (c) 2022 اللغة العربية ادابها
هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution 4.0 International License.
التي تسمح للمستعملين بنسخ وإنشاء مقتطفات وملخصات جديدة من المقالة، وتعديل المقالة ومراجعتها، واستخدام المقالة تجاريًا (بما في ذلك إعادة استخدام و/أو إعادة بيع المقالة من قبل الكيانات التجارية)، بشرط أن يمنح المستخدم الاعتماد المناسب (مع رابط للنشر الرسمي من خلال DOI ذي الصلة)، رابطًا للترخيص، ويشير إلى ما إذا كانت التغييرات قد تم إجراؤها ولا يتم تمثيل المرخص على أنه يؤيد استخدام العمل.