التَّعظيم وانفساخ رؤاه الدلالية بين الإيجاب والسلب في علويات ابن أبي الحديد المعتزلي(ت656هـ)

المؤلفون

  • عامر صلاّل الحسناويِّ

DOI:

https://doi.org/10.36318/jall/2015/v1.i22.6772

الملخص

نجمل خلاصة استقرائنا في العلويات بالقول:

     على الرغم من عدم إضفاء ابن أبي الحديد- بوصفه شاعراً- جديداً لمناقب عليّ بن أبي طالب القارّة في الذاكرة الجمعية لسابقيه من شعراء الشيعة أمثال: الكميت، ودعبل الخزاعي، والسيد الحميري، والشريف الرضي، ومهيار الديلمي وسواهم ممّن تغنّوا بحبّ هذا البيت العلوي الطاهر، إلاَّ أنّه كانت له بصمته الواضحة على الصعيدين الموضوعي والفني، فعلى الصعيد الوضوعي: فمجرّد نعت هذه القصائد السبع بـ(العلويات) هو تجديد يُحسب لابن أبي الحديد في موضوع القصيدة العربية والشيعية حصراً في مقابل هاشميات الكميت، وحجازيات الرضي، وشعوبيات مهيار، فضلاً عن الخوالد من القصائد الشيعية نحو ميمية الفرزدق بحقّ الإمام علي بن الحسين سلام الله عليهما، أو تائية دعبل الخزاعي التي ألقاها بحضرة الإمام علي الرضا B وغيرها.

     وما يضاف إلى رصيد الشاعر كذلك ما سجّله من تجديد في موضوعية الصور في القصيدة الواحدة فبرزت لديه الصورة الفقّارية المتعلقة بوصف سيف عليّ، ذو الفقار، كذلك برزت لديه القصيدة المدحية الغزلة؛ فإذا ما كان من ثوابت البناء التقليدية للقصيدة المدحية العربية إفتتاحها بالمقدمة، والغزل أحد تلك المقدمات التي يخلص منها الشاعر إلى مديحه؛ إلاّ أنّ هذا البناء في سياقه الموضوعي لدى ابن أبي الحديد قد شابه التداخل  والجمع بين غرضي المديح والغزل، فغدا غزله مديحاً ومدحه غزلاً، فعليّ محبوبه وممدوحه في آن واحد.

     أما على الصعيد الفني فقد كان ابن أبي الحديد متمكناً من أدواته الشعرية بدءاً من العاطفة المحفّزة للنظم مروراً بأدواته اللغوية ومتعلقاتها البلاغية وما ينجم عنها من تحفٍ فنية صورية يتمّ عرضها بتهادٍ موسيقي رائع، ولعلّ جماع هذا التفوّق في بناء العلويات الفني مردّه إلى إفادة ابن أبي الحديد الكبيرة من شرحه لنهج البلاغة ولاسيما في إصراره على بعض الآليات الأسلوبية التي تسيّدت النهج فراح يحاكيها من الإلتفات والمجازات والمفارقات التصويرية وغيرها من الآليات التي عن طريقها أحكم الشاعر الزمام على أدواته النظمية لغة ودلالة وموسيقى وقبله أنّه قد قرأ عليّاً وأبصره من خلال نهج البلاغة، زيادة على ذلك إفادته من اعتزاليته وحسبنا في تسقّط المذهب الاعتزالي وتنقيبه عن الحقيقة من مظانها مدعمة بأدلتها القطعية النقلية منها والعقلية على الخصوص ولاسيما إذا ما تعلّقت تلك الحقيقة بجهبذ لا نظير له كعليّ بن أبي طالب؛ إذ إنّ استقراءنا للعلويات يشعرنا بقراءة ابن أبي الحديد المتمعنة لتاريخ عليٍّ من جهة كونه صاحب فضلٍ في تلك الريادة العلمية التي وصل إليها، ولأجل ذلك نطالعه في علوياته حينما يخاطب الآخر من غير عسكر عليٍّ يعمد إلى عرض الصور الخاصة بذلك العسكر المناهض عن طريق الموازنة مع شخصه الكريم خلقاً وخُلقاً بتصويرية قوامها المفارقة بعيدة كل البُعد عن السبّ والشتم الذي يجنح له المتعصبون من شعراء الشيعة نحو مهيار-مثلاً-، مع الأخذ بالحسبان حياديته وترفّعه عن بذاءة اللفظ إذا ما تعرّض لبعض الصحابة، وكأنّه يدرك اتخاذ بعض المتلقين الحانقين من العلويات سلاحاً يشهره بوجه الشاعر من حيث التزامه الانحياز لصفّ عليّ وهو ما تفصح عنه عاطفته الفيّاضة وصفاء سريرته التي فاضت بحب الوصي B.

     وإذا ما قصر ابن أبي الحديد موسيقاها على عروض الطويل والكامل فإنّه قد اجهش بتنويع الموسيقى الداخلية من جناسات وتكرارات وجرس موسيقي قد عوّض ذاك النقص الحاصل على صعيد الوزن، فضلاً عن اعتماده على المجهور من القوافي من أجل إعلاء كلمة الحق ولاسيما إذا ما تأوّلنا قوافيه مجموعة في عبارة: [كَبُرَ سَرّ علٍ] تأتي متوافقة وعنوانة البحث فهي تحتمل معنى عظمة كنه عليّ من جهة، والسرّ كلّما عظُم وكبر عظُمت منزلة كاتمه وعلت، كيف وعلي هو سرّ السرّ؟؟!! من جهة أخرى.

     أمّا على الصعيدين التركيبي والبلاغي فقد كانت الإصابة الموفقّة والملاحة سبيل ابن أبي الحديد في كلّ أسلوب لغوي وآلية بلاغية رصدهما البحث وقد تعاضدتا معاً في منظومة لم تغادر ساحة التعظيم، ولم تحِدْ بعيداً عن سبيله فآزر هذا التعظيم من ديباجة العلويات ونسجها من جهة، وأحكم عرى وحدتها الموضوعية والعضوية على السواء من جهة أخرى، بما أضفاه من تلك اللوازم الرابطة المطّردة الاستعمال على صعيد الجملة العربية من المشتقات والمصادر والموصوفات وأجوبة الشرط والقَسم، أو ما بها حاجة لإعمال الفكر واستجلائها من بواطن المطّردات السابقة للوقوف على غاياتها البلاغية ولاسيما التعظيمية منها، وهو ما نلمسه في المجازات والإلتفاتاتوالتوريات من جانب، وما ينجم من التداخل بين أكثر من فن واستلزام ذلك التداخل للتفريق من أجل الوقوف على النكات البلاغية والمقاصد المرادة منها، التي قد يشي سماعها عند المتلقي للوهلة الأولى بترادفها وتداخلها نحو: التداخل بين الإيغال والتتميم، والإيضاح بعد الإبهام الذي يشي بتداخله مع التفصيل بعد الإجمال مثلما يشي بتداخل التجريد والتنكير إلاّ أنّنا عن طريق العلويات وجدنا فسحةً دلالية تنكأ الضبابية المغلّفة لهذه المفاهيم والعتمة المحيقة في بيان مزية كل آلية لغوية- بلاغية وخصوصيتها الأسلوبية التي صبّت جمعاء في بوتقة التعظيم وكانت مصاديقها كلّ ما دوّن في بحثنا هذا. ومن الله التوفيق..

التنزيلات

بيانات التنزيل غير متوفرة بعد.

التنزيلات

منشور

2015-09-13

كيفية الاقتباس

الحسناويِّ عامر صلاّل. "التَّعظيم وانفساخ رؤاه الدلالية بين الإيجاب والسلب في علويات ابن أبي الحديد المعتزلي(ت656هـ)". مجلة اللغة العربية وآدابها, م 1, عدد 22, سبتمبر، 2015, ص 273-26, doi:10.36318/jall/2015/v1.i22.6772.