مكانة الأدب عند السيد هبة الدين الشهرستاني (مجلة العلم أنموذجا)

الملخص

اهتم السيد هبة الدين الشهرستاني كثيراً بقضية الأدب في أعماله ونتاجاته الفكرية وخاصة (مجلة العلم)( ) التي أشرف على إصدارها، والتي ستكون محور البحث، ويأتي هذا الاهتمام بالأدب إحساسا منه بتأثيره القوي على سلوك المسلم، وأنَّ الأدب باستطاعته ان يوجه الإنسان الوجهة الحسنة خصوصا
إذا كان موضوعه يندرج ضمن الأدب الملتزم بقضايا الإسلام وتعاليمه الحنيفة، فضلا عن قضايا الأمة المصيرية،خاصة وان السيد نشا في بيئة تعرف الأدب حق معرفته، فقد درس علوم العربية مبكراً في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة، وقد شغف بحب العلم والمعرفة( ) .
ومن هنا جاء موضوع البحث الذي يتمثل في دراسة جهود السيد هبة الدين في مجال الأدب وإيضاح منزلة الأدب عنده من خلال التركيز على إبداعه المتجسد في إصداره لمجلة العلم ( )،التي صدر العدد الأول منها في 29 آذار 1910م، وذلك بتتبع المباحث الخاصة بالأدب والتي ورد ذكرها في هذه المجلة، ودراستها وتحليلها وفق منهج فني تحليلي، وبعد تفحص المجلة وقراءتها وجدنا أنَّ عدد المباحث الخاصة بالأدب وصل إلى خمسة عشر مبحثاً، تناولت مختلف القضايا الأدبية، ونذكر منها مشكلة الألفاظ الأدبية، وعالم الأدب والعلم، وتقدير قيمة الأدب، والشعر والحكمة، فضلا عن هذا كان السيد هبة الدين الشهرستاني يلجأ الى الذوق الرفيع في اختيار النصوص البلاغية، التي ورد ذكرها في مجلة العلم، ومن تلك النصوص ما أورده من كلام لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) في مجال المعاني، ويبدو أن الهدف من وراء ذلك هو إشراك القارئ وتعريفه ببلاغة مثل هذا الكلام، بغية التأثير فيه .
ولعل السيد هبة الدين الشهرستاني كان يستلهم التراث الأدبي ويحاول ان يوظفه في خدمة القضايا التي تهم المجتمع، فقد أشار في مقالة أوردها في مجلة العلم الى اهتمام النبي الأكرم (صَلى الله عليه وآله وسَلََم) الى قضية الشعر والحكمة استناد الى قوله(صلى الله عليه وآله وسلم) (إنَّ من الشِّعرِ لحكمة وإنَّ من البيان لسحراً)( )، فهو يرى أنَّ الأدب باستطاعته تغيير الذائقة عند الفرد نحو الأحسن، خاصة وان تراث الأمة مليء بصور البطولة والفداء والتفاني في سبيل مبادئ الإسلام الحنيف .
ومن الجدير بالذكر ان اهتمام العالم الفقيه هبة الدين الشهرستاني تعدى المقالات الأدبية الى وضع كتاب خاص يهتم بعلم العروض بعنوان (رواشح الفيوض في إصلاح فن العروض) وكتابه الآخر (ما هو نهج البلاغة).
ولعل من ابرز النتائج التي توصلنا اليها في هذا البحث هو اعتقاد السيد هبة الدين الشهرستاني بان الأدب يجب ان تكون له رسالة هادفة، وهي دعوة غير مباشرة الى السير بطريق الأدب الملتزم، فضلاً عن هذا شخص البحث الموسوعية التي امتاز بها السيد هبة الدين الشهرستاني وتنوع مصادر معرفته، كل ذلك ألقى بظلاله على طبيعة ما يكتب في مجلة العلم، لهذا تنوعت المقالات الأدبية، وتعددت موضوعاتها، وستتكفل الدراسة مناقشة أبرز القضايا المتعلقة بالأدب التي ورد الحديث عنها في مجلة العلم، وفق أربعة مباحث أساسية يندرج تحتها بعض فروع الأدب وكما يلي :