الجواهري وآراؤه النقديّة في كتابه (الجمهرة)

الملخص

ولد محمد مهدي الجواهري في السنين الأولى من القرن العشرين من أسرة دينية , كان جده الأعلى الشيخ محمد حسن مرجع الشيعة الأمامية في عهده وكتابه المشهور (جواهر الكلام ) من الكتب المعتمدة في الفقه والعقائد عند الشيعة المتأخرين, وكان والده من رجال الدين أيضا , وقد منح ذلك أسرة الجواهري قدرا كبيرا من الوجاهة في المجتمع آنذاك .
عاصر الجواهري الظروف التي مر بها العراق وما تلاها من أحداث سياسية كان لها انعكاسها في نتاجه الأدبي , وقد لاحظ كثير من الباحثين ان قضايا الشعب تحتل من عالم الجواهري اهتماما واسعا , ويرجع ذلك الى البيئة التي صنعت الشاعر , وهي بيئة صراع سياسي , وامتاز الجواهري بحاسّة شعرية مرهفة وبنية فنية ناضجة , وثقافة عالية , خاصة في مجال الموروث الأدبي , وقد تحدث عن هذه الثقافة في مقابلات كانت قد أجريت معه , وقد ساهم الجواهري في المناسبات الدينية وخاصة واقعة الطف الأليمة , فقد كتب قصائد يمجد فيها هذه الذكرى خاصة في قصيدته (آمنت بالحسين ) وهي تصور المحتوى الإنساني للمعركة بين الإيمان المتمثل بشخص الحسين عليه السلام وبين الكفر والظلال متمثلا ببني أميّة, وهي مليئة بالصور الفنية المعبرة.
  ومن خلال تتبعي لما كتب عن الجواهري لم اعثر على دراسة تهتم بالجانب النقدي عنده , وبعد قراءتي لاختياراته التي اسماها (الجمهرة ) وجدت انه يتحدث عن قضايا نقدية تستحق الدراسة من قبيل : الإسلام والشعر, والشك والانتحال في الشعر , وقيمة الموروث الأدبي , ودفاعه عن بعض الشعراء , فضلا عن الشعر والثورة والدور الذي يؤديه الشعر في هذا المجال .
وأخيرا  آمل ان يساهم هذا البحث في إضاءة جانب من جوانب شخصية الجواهري بعد ان عرف شاعرا كبيرا ومناضلا جهورا ضد كل ما يشوه وجه الحياة العربية من تفسخ وجوع واضطهاد .
اما عن منهج الدراسة فقد اتبعت فيه المنهج التحليلي , بعد الوقوف على الظاهرة النقدية , ودراستها من كل جوانبها من خلال الاستفادة من الدراسات التي سبقتني في هذا المجال , والمباحث الآتية تكشف عن مضمون البحث .