مصر في شعر الجواهري ومذكراته ( دراسة تاريخية )

Abstract

أنجبت مدينة النجف الاشرف عدداً من أعلام اللغة العربية والشعر العربي في العصر الحديث ، أفذاذاً تجاوزت شهرتهم نطاق مدينتهم ووطنهم ومحيطهم الإقليمي لتنتشر وتحتوي هموم أمته بل الانسانية جمعاء . وكان في مقدمة أؤلئك (محمد مهدي الجواهري) الذي تربّع عن استحقاق مكان الصدارة في الشعر العربي المعاصر ، وانتزع لقب شاعر العرب الأكبر ولايمكن ان نختصر الحديث عن الجواهري في بحثٍ واحد أو كتاب أو أطروحة جامعية على أهميتها  لما قدمه هذا الرجل من ابداعات ادبية وصل صداها الى كل اصقاع الارض لمدة قاربت سبعة عقود من الزمان على الرغم من ان تلك الحقبة الزمنية الممتدة بين عامي 1921 تاريخ نشر اول قصيدة له الصحف الرسمية ولغاية وفاته عام 1997 كانت تزخر بوجود عمالقة الادب والشعر العربي كأحمد شوقي و معروف الرصافي وغيرهم كثير ، لكن الجواهري استطاع أن ينشئ له مكانة مرموقة بين هؤلاء المبدعين ، وبقي كوكباً شعرياً محلّقاً في سماء الفن والادب والتاريخ . فقد امتلك الجواهري شاعرية متدفقة تصدر عن نبع صافٍ يفديها معجم لغوي مترامي الاطراف بمفردات قديمة حديثة .

 ولا ريب أن الجواهري إنساني النزعة لم يقف بإبداعه عند الحدود الوطنية وانما اتسع شعره لكل بني البشر وجسّد صورة التجربة الشعرية الانسانية الشمولية ، واستخدم كل أنواع فنون الشعر من الفكاهة والنقد اللاذع والمديح وغير ذلك ليصوّر ألم الانسان وتعاسته وشقائه ويدعو الى وئامه وتآخيه ويحث الشعوب على الثورة ضد طغاتها ومستعبديها من الحكام . ويمكن القول أن من اهم اسباب شهرته وذيع صيته هو انفتاحه على العالم بكل اديانه وطوائفه وقومياته ومتابعته الدائمة لكل ما يجري من احداث وعلى كافة الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، محلياً وعربياً واقليمياً .

وعلى الرغم من ذلك فقد شغلت الشعوب العربية واقطارها وهمومها مساحة مميزة من شعر الجواهري ، لا سيما مصر في قصائد عديدة ، فقد كتب عن مصر وهو يحب مصر  شؤوناً وتمخضاتً وتفاعلاً بواعثاً ثقافية وسياسية مختلفة ، في قصائد عصماء لم يتمكن أن يأتي مبثل روعتها وعذوبتها أحد من شعراء العربية حتى المصريين منهم . وقد كانت له زيارات خاصة ورسمية وغيرها، حفل بها "السجل المصري" للجواهري الكبير ، وتشعب إلى أكثر من محور، ومكان، وزمان . وقد تفلح سطور هذا البحث أن تستجلي بعض المحطات الأكثر أهمية في ذلك السجل .