النجف دراسة في طبيعة المجتمع وأصول السكان

Abstract

1)  تُعد النجف الأشرف مدينة تاريخية ودينية  مقدسة ، لها مكانتها الخاصة ليس في العراق فحسب و إنما في الوطن العربي والعالم الإسلامي ،  ومدينة بهذه المكانة المحلية ، والإقليمية ، والعالمية المتميزة ، كان يُفترض ان تأخذ مكانها الحقيقي في الدراسات التاريخية الاجتماعية ، خصوصا وان المتغيرات الاجتماعية والسكانية فيها كبيرة واضحة للباحث المدقق . وبرغم من ذلك لم تنال مدينة النجف حقها الكافي في الدراسة لهذه الجوانب المهمة من تاريخها ، لذلك ظلت الكثير من أحداثها الاجتماعية يكتنفها الغموض و يجهلها الكثيرون ، في وقت كانت النجف تمارس فيه دوراً اجتماعياً مؤثراً ، فلم يكن بالإمكان إغفالها او تناسيها .

2)+ان السبب في ذلك يرجع في تقديرنا الى قلة الباحثين الراغبين في الخوض في هذا المضمار ، بسبب ندرة المعلومات التي تتعلق بالتاريخ الاجتماعي , و المصادر المتوافرة ، سواء أكانت الرسمية  منها ، والتي سبق ان كانت حبيسة الأقبية و المخازن في بعض دوائر الدولة الرسمية , التي يصعب الوصول اليها بسبب سريتها , خصوصاً ما كان موجوداً منها في أرشيف وزارة الداخلية ، والتي انتقلت من الحبس الدائم الى الحرق او التلف او الضياع . كما ان ما دون لدى المؤرخين , والباحثين , والمهتمين بتاريخ المدينة من المثقفين و الأدباء ، يكاد لا يتجاوز الجانب السياسي والأدبي إلا في القليل من جزئياته . كما كان لقلة الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية , و دورها المؤثر في تحريك الأحداث و الحياة العامة للمدينة , فضلاً عن حساسية الموضوع ، و صعوبة الخوض فيه بشكل جدَي . سبباً آخر لابتعاد الباحثين عن البحث في التاريخ الاجتماعي للنجف .

3)  تناول البحث دراسة لمجتمع النجف ، و خصائص أفراده , من خلال بحث  البيئة الاجتماعية النجفية ، وأصول السكان ، و شخصية الفرد , و طبيعة المجتمع ، و ما تميز به من فردية ظاهرة نتج عنها تعدد الزعامات و الولاءات , مما أدى الى إذكاء الصراع الداخلي و التغالب الاجتماعي  على خلفيات متعددة ، كالصراع بين القديم  والجديد  ، والصراع بين المحلات والأسر والبيوت النجفية , و الصراع بين الاثنيات  والجنسيات , والصراع السياسي على خلفيات اجتماعية ،  فضلا عن الصراع  على خلفيات أخرى . و على الرغم من النتائج السلبية التي قد ينتج عنها صراع  الأفراد و الجماعات ، إلا انه يبقى للصراع الاجتماعي و الفكري آثاره الايجابية , إذ انه يحرك الأوضاع الراكدة , و يولد وعياً جديداً يدفع بالمجتمع الى التغيّر و التقدم .

4) اعتمد البحث على الوثائق العراقية الرسمية غير المنشورة بالدرجة الأولى ، و هي على جانب كبير من الأهمية ، إذ كانت تتضمن معلومات سرية تتعلق بمختلف تفاصيل جوانب الحياة العامة في المدينة ، و متابعات دقيقة لما يجري فيها من أنشطة سياسية و اقتصادية و فعاليات اجتماعية ، كما تضمنت إحصاءات عن مختلف الأمور و الأنشطة و الخدمات . كما قدمت لنا هذه الوثائق تحليلات مختلفة عن شخصية الفرد النجفي , و طبيعة المجتمع , و ما يسود فيه من عادات وتقاليد و ممارسات . وهي بذلك رسمت لنا صورة واضحة عن الحياة الاجتماعية في المدينة .

5) ان هدف البحث ، هو تقديم دراسة لطبيعة المجتمع النجفي وأصول السكان فيه ، ضمن سياق أحداث و مواقف التاريخ الاجتماعي للمدينة ، فضلا عن تحليل لمقومات شخصية الفرد ، بموجب ما استطعت الاطلاع عليه من خلال الوثائق والمصادر . وما سمحت به طبيعة الموضوع .