مرجّحات التزاحم و أثرها في الاستنباط الفقهي
Abstract
لا يخفى على أحد اهمّية علم الأصول في استنباط الأحكام الشرعية؛ كونها الكبريات التي يعتمدها الفقيه لمعرفة الحكم الشرعي، وقد أولى علماؤنا أهمّية بالغة بهذا العلم، ودوّنوا المطوّلات فيه وشمّروا عن السواعد في سبيل تذليل صعوباته . ويعدّ مباحث التعارض، وتحديداً مبحث التزاحم من الموضوعات المهمّة؛ لما لها من التطبيقات الفقهية الكثيرة في جميع أبواب الفقه، لذا فبحثوه في أكثر من مورد، منها عند الحديث في الترتّب؛ للصلّة بينهما، م كذلك بحثوه موسّعاً في مباحث التعارض عند التفريق بينه وبين التعارض؛ إذ إنَّ المنافاة وإن كانت قاسماً مشتركاً بينهما، إلاَّ إنَّ المنافاة إن كانت في مقام الجعل دخل في باب التعارض الاصطلاحي، وإن كان في مقام المجعول والفعلية اندرج تحت التزاحم . وكثيراً ما وقع الخلط والاشتباه في ذكر هذا المورد أو ذاك في باب التعارض أم في باب التزاحم . لذا وقع اختلاف في تحديد التزاحم ومنشأه بين المحقّق النائيني من جهة وبين أكثر من تأخر عنه من جهة أخرى، فقد ذكر أنَّ التزاحم له موردان، بينما جزم تلميذه السيّد الخوئي أنَّ التزاحم له مورد واحد فقط هو عدم قدرة المكلّف على امتثال كلا الخطابين (التكليفين) المتوجّهين للمكلّف.
و لأن الحديث عن التزاحم يحتاج للبحث عن مرجّحاته المعروفة مضافاً لبيان أثرها في الاستنباط الفقهي، فقد تمّ تقسيم البحث إلى خمسة مباحث، تناول كلّ بحث مرجّح من مرجّحات باب التزاحم، ذاكراً أبرز الآثار الفقهية لكلِّ مرجّح، ولم يفتني ذكر نتائج كان من أبرزها أنَّ بعض هذه المرجّحات لا تدخل اساساً في باب التزاحم، بل هي مندرجةٌ في باب الورود.
