خــطط النجــــف الأشرف في فــــكر الأمـــــــام الصادق عليه السلام
Abstract
ساعدت فترة الانتقال السياسي في الدولة الإسلامية من الأمويين إلى العباسيين الإمام جعفر الصادق عليه السلام على نشر علوم أهل البيت سلام الله عليهم بحرية واطمئنان وكانت الحقبة الزمنية التي عاشها الأمام الصادق تمثل جانب النضج الفكري والسياسي وكان قد عاصر تيارات فكرية مختلفة وأراء ابتعدت عن مبادئ الإسلام وأحكامه، وقد تصدى لها بالقوة الفكرية، وأبطل دعاتها وفند اضاليلها فيقول الشيخ محمد أبو زهرة:(إن الأمام الصادق وقف في وجه أولئك الذين كانوا ينحرفون في اعتقادهم أو يهاجمون الاعتقاد الصحيح) (1) كالزنادقة والملحدين والغلاة والمجسمة والقدرية والجبرية والمرجئة وغيرها وأراد عليه السلام تثبيت الفكر والأمامي عن طريق الأئمة سلام الله عليهم، وفق التسلسل المعروف بالإمامة وبذلك دحض جميع الآراء المتفرعة من التسلسل وتصدى للفرق المتشعبة عن الأمامية كالكيسانية والزيدية والواقفةوالناووسية وغيرها، وكانت مدرسته في المدينة المنورة والكوفة من أوسع المدارس الفكرية في العالم الإسلامي، وكانت هاتان المدرستان ملتقى الفقهاء والمفسرين والمحدثين، ويقول الأستاذ احمد أمين (أن الأمام الصادق أوسع الناس علما واطلاعا وأقواله تدل على حكمته، وبعد نظرة وسعة علمه)(2) وقد قصد الأمام الصادق عليه السلام مدينتي الحيرة والكوفة في عهدي السفاح والمنصور، واستدعاه أبو جعفر المنصور إلى بغداد عدة مرات، وفــــــــــــــــــي أثنـــــــاء وجوده في العراق زار مرقدي الإمامين علي والحسين عليهما السلام، وتتلمذ عليه جمع من علماء الكوفة، وعند عودته إلــى المدينة بقي الكوفيون علــى صلة به، ويقـول يحيى بن عبدا لله بن الحســن: (سمعت الصادق يقول وعنده أناس من أهل الكوفة)(3) وروى إسماعيل بن أبي الازدي- وهو من الكوفيين- عن الأمام الصادق عليه السلام كتاب (القضايا) وسمع منه مقرئ القران الكريم في مسجد الكوفة عبد الله بن أبي يعفور(4) وبقي اثر الأمام الصادق عليه السلام في مدينة الكوفة بعد وفاته عام 148 هـ فكان العلماء يتناقلون آراءه جيل بعد جيل، فيقول الحسن بن علي بن زياد الوشــاء البجلي:(أدركت في المسجد تسعمائة شيخ كل يقول: حدثني جعفر بن محمد عليه السلام) (5).
