إن التشريع الإسلامي أفاد كثيرا من التنوع الدلالي للفظة العربية الأمر الذي يدعو إلى وصف اللغة بالثراء والموسوعية لانها وفرت للمشرع الإسلامي حركية في الاستنباط في مجال تفسير النصوص وفي إطار التعبير عن الواقع التشريعي والإفصاح عن الملابسات الفقهية المتعددة والتي وجدت في التعدد الدلالي للفظة متنفسا كبيرا أتاح لها الاختيار الدقيق في محاكاتها للإحكام الشرعية . ولعل لفظة (لا بأس) هي مثال إنموذج لهذه الإفادة والتي أوضح هذا البحث مجالات الاستفادة منها في التعبير عن الأحكام المتناقضة في إطار السياقات المتعددة ، فهي تفيد الوجوب تارة والاستحباب تارة أخرى و الكراهة ثالثة والحرمة أحيانا. وهي تنبىءعن الترخيص في إتيان الإحكام كما قد تقررلزومية أحكام أخرى ،وقد تدل على الإباحة في بعض استعمالاتها وتكشف عن المحظور الشرعي في باب أخر ، وهكذا كما أكدت هذه الدراسة على إن استعمال (لا بأس ) في حديث المعصومين (ع) لايتفق مع استعمال لفظ (لاجناح) القرآني في الدلالة إن المراد اللغوي من الوضع هو نفي الحرج في اللفظيين ،مما يدعم حركية اللغة العربية وتوافرها على إمكانيات غير محدودة في مجالات التعبير والتفسير والتأويل.

Authors

  • سامي شهيد مشكور

Abstract

تناولت في البحث المنظومة الأخلاقية في فكر الإمامية وأثر الأخلاق الإسلامية فيها، إذ نجد أن للقرآن الكريم أثرا واضحا في ذلك من عنايته بالإنسان ولاسيما النفس الإنسانية واصل الأخلاق أن تعرف نفسك، لذا يقول أمير المؤمنين A:"أفضل الحكمة معرفة الإنسان نفسه، ووقوفه عند قدره"، وقال A:"من عرف نفسه عرف ربه".

وإن القرآن الكريم أراد مجابهة حياة الفرد وتنظيمها على وفق ما يخدم الفرد والمجتمع معا، فقدم للإنسانية صورة النشاط الفردي الذي ينبغي أن يسير عليه ويحقق متطلباته الأساسية بحكمة واعتدال في حال توازن رغبات النفس ورغبات الجسد، وعدم إهمال أحدهما من أجل الأخرى. كذلك يوصينا القرآن الكريم بمحاسبة النفس دائما، لذا يقول أمير المؤمنين A:"ثمرة المحاسبة صلاح النفس".

لذا نلاحظ الاقتران والتلازم بين القرآن الكريم والعترة الصالحة G، القرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والعترة من أهل البيت كذلك، لذا نجد أخلاق الأئمة الأطهار ووصاياهم، هي امتداد لوصايا القرآن الكريم والسنـّة النبوية الشريفة، لذا نجد الإمام الحسين A يحمل السيف لإعادة الحق إلى نصابه عملا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد أدلى بذلك في وصيته لأخيه محمد بن الحنفية حين كتب له:"إني لم أخرج إشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر".

كذلك نجد أن الإمام علي بن الحسين(زين العابدين) يؤكد الجهاد الاجتماعي والعملي ويؤكد الأخلاق والتربية والإصلاح في الدولة وضربَ أروع ألأمثلة في تجسيد الخلق المحمدي العظيم في التزاماته الخاصة وفي سيرته مع الناس. كذلك أكد الإمام محمد بن علي(الباقر) الإصلاح الأخلاقي و الاجتماعي، إذ قام بنشر الأحاديث النبوية المرتبطة بالجوانب الأخلاقية لتكون هي الحاكمة على الممارسات السلوكية في العلاقات الاجتماعية، ودعا إلى اصلاح مكارم الأخلاق لتكون هي العلامة الفارقة لتعامل المسلمين فيما بينهم، ودعا إلى العفة وعدها أفضل العبادة، فقال A:"أفضل العبادة عفة البطن والفرج"، وحذر من ظلم الآخرين أو الإعانة على ظلمهم.

Downloads

Download data is not yet available.

Published

2017-02-19

How to Cite

مشكور سامي شهيد. “إن التشريع الإسلامي أفاد كثيرا من التنوع الدلالي للفظة العربية الأمر الذي يدعو إلى وصف اللغة بالثراء والموسوعية لانها وفرت للمشرع الإسلامي حركية في الاستنباط في مجال تفسير النصوص وفي إطار التعبير عن الواقع التشريعي والإفصاح عن الملابسات الفقهية المتعددة والتي وجدت في التعدد الدلالي للفظة متنفسا كبيرا أتاح لها الاختيار الدقيق في محاكاتها للإحكام الشرعية . ولعل لفظة (لا بأس) هي مثال إنموذج لهذه الإفادة والتي أوضح هذا البحث مجالات الاستفادة منها في التعبير عن الأحكام المتناقضة في إطار السياقات المتعددة ، فهي تفيد الوجوب تارة والاستحباب تارة أخرى و الكراهة ثالثة والحرمة أحيانا. وهي تنبىءعن الترخيص في إتيان الإحكام كما قد تقررلزومية أحكام أخرى ،وقد تدل على الإباحة في بعض استعمالاتها وتكشف عن المحظور الشرعي في باب أخر ، وهكذا كما أكدت هذه الدراسة على إن استعمال (لا بأس ) في حديث المعصومين (ع) لايتفق مع استعمال لفظ (لاجناح) القرآني في الدلالة إن المراد اللغوي من الوضع هو نفي الحرج في اللفظيين ،مما يدعم حركية اللغة العربية وتوافرها على إمكانيات غير محدودة في مجالات التعبير والتفسير والتأويل”. Faculty of Jurisprudence Journal , vol. 11, no. 11, Feb. 2017, https://journal.uokufa.edu.iq/index.php/fqhj/article/view/8747.