شِعْرُ رياض حمزة شير علي دراسة في الشكل والمضمون
Abstract
النجف الأشرف مدينة عربية إسلامية لها أهمية كبيرة في التاريخ والحضارة ، وقد اشتهرت بكثرة مساجدها ومدارسها الدينية ، وقد ظلّت منذ أن رحل إليها الشيخ الطوسي في سنة 448هـ مهوى أفئدة النازحين إليها ، تلقي على العالم بإشعاعها الفكري والحضاري ، وترفدُهُ بكلِّ ما هو نافع ومفيد .
عرفت النجف بأنها بيئة أدبية احتضنت كثيراً من الأدباء والشعراء ، وقد أصبح الشعر سمةً بارزة في تاريخ مدينة النجف الأشرف عبر مختلف العصور ؛ وما ذلك إلاّ وليد حركة علمية اتسعت آفاقها منذ عدّة قرون ؛ لهذا كثر الشعر والشعراء فيها ، ويغلب على هذا الشعر التنافس بما يقوّي كلّ نفس أن ترتفع عن أمثالها .
ظلت مدينة النجف الأشرف مركزاً للعلم والأدب والدراسات الدينية ، فما برحت متوَّجةً بأهل الأدب في الحديث والقديم ، مطرَّزةً من فضلاء الفقهاء والشعراء والكتاب والخطباء ، وكان من بين هؤلاء رياض حمزة شير علي الكاتب المعروف .
في هذا الجو المفعم بالعلم والأدب نشأ رياض شير علي أديباً معروفاً ، وعلى الرغم من شهرته بالكتابة فقد كان شاعراً مبدعاً ، ملك الشعر عليه إحساسه ، وقد ساعده على صقل شاعريته بيئة النجف الأدبية ، تلك البيئة التي ساهمت إلى حدٍّ كبير في المجالات الدينية والفكرية والاجتماعية في إعداد شخصيته وصقلها ، وتكوين عقله وثقافته ، حيث كانت النجف مركزا للعلم والفقاهة والأدب والدراسات الدينية ، وقد انبثق من صميم هذه المدينة جهابذة العلم ، وعمالقة الأدب والخطابة .
ترك رياض حمزة شير علي تراثاً ضخماً يشهد له بنبوغه ، وسعة ثقافته ، وتقدّمه على كثير من أقرانه . وكان من بين ما تركه شعره الذي ضاع أكثره ، ولم يبقَ منه إلاّ بقية احتفظت بها بعض الكتب والصحف ، وعلى الرغم من قلة ما وصل إلينا من شعره ، فقد أفدنا منه كثيراً في معرفة بعض الجزئيات التي تخصُّ حياته ، ومعاناته في الغربة بعيداً عن أهله ووطنه .
وقد وجدتُ في شعره مادة غزيرة للكشف عن جوانب الحياة والطباع ، ومظاهر السلوك والنشاط الإنساني فضلاً عن الصور والمشاهد الغنية والدقيقة للبيئة التي عاش في كنفها ، وتفيأ بظلّها ، وهذا ما دفعني إلى دراسته ، إذ وجدته موضوعاً جديراً بالبحث وبذل الجهد ؛ ليكون بحثاً علمياً في الدراسة الأدبية .
ولعلّ أهم ما يعنى به هذا البحث هو استجلاء خصائص هذا الشعر الفنية على صعيد الشكل والمضمون ، وقد حاولتُ جاهداً أن أبين أبرز هذه الخصائص .
ومن هنا فقد اشتملت هذه الدراسة على تمهيدٍ ومبحثين ، تناولنا في التمهيد حياة الشاعر وبعض مواقفه السياسية .
أما المبحث الأول فيتعلّق بدراسة الصياغة والأسلوب ، بينما يتعلّق المبحث الثاني بدراسة المحتوى والمضمون