مركز البابوية في الموروث الديني المسيحي

Authors

  • وليد عبد الحميد خلف

Abstract

شغلت البابوية الأوساط الدينية ( مسيحية كانت أم غيرها ) لأكثر من ستة عشر قرنا سواء كان ذلك فيما يتعلق بمفهومها أم بمشروعيتها أم بأبعادها الدينية والتاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وأثر ذلك على الأمم والشعوب بأجيالها طيلة تلك المدة الزمنية .

    وفي خضم الصراع المحتدم اليوم بين الحضارات والمساجلات بين الثقافات والمجادلات بين الرؤى ظهرت هنا وهناك في العالم المسيحي دعوات إلى الالتفاف حول البابوية والمناداة بضرورة مركزيتها .

     والبابوية في حقيقتها رتبة أسقفية ومركزية سلطوية يتقلدها أسقف كنيسة روما بصفته المسؤول الأول في الطائفة الكاثوليكية لأنه حسب رؤيتهم أصبح قمة الهرم الإداري والمرجع الروحي فيها ، كما أن مفهوم البابوية لا يمت إلى المسيح بصلة لا من حيث الزمان ولا المكان ، لأنه مصطلح لم يستخدم في زمانه ولم تعرف تلك المفردة في لغته ولم يكن لتلك الرتبة وجود في عصره ولم يشر إليها لا بقول ولا بفعل ولا بتقرير لا تصريحا منه ولا تلميحا ، ولذا فإن مشروعية البابوية مجرد ادعاء من البابوات دون دليل لا من أقوال المسيح ووصاياه ولا من نصوص الأناجيل ولا من حكم العقل .

    إن لإيمان غالبية المسيحيين بمقولة خلافة البابوية للقديس بطرس قد منحها الزعامة الدينية والسلطة الروحية والتي تعاظمت ليخضع لسلطانها حتى الملوك والأباطرة ، ولذا أصبحت البابوية مرجعية دينية ورئاسة سياسية وقيادة عسكرية ذات أبعاد استراتيجية في المعادلات الاقليمية والعلاقات الدولية .

    إن قراءة واعية لنشأة البابوية وعوامل قوتها إنما تدل دلالة قطعية على أنها من صنع بشري وأنها لا تختلف كثيرا عن نشأة الإمبراطوريات والملكيات ولا تتباين عوامل القوة في كليهما بل أنها جميعا خاضعة لسنن التغيير الاجتماعي وظهور الدول وأفولها دون أن تستند في ذلك إلى معطيات الوحي الإلهي .

     لقد دفعت البشرية قد دفعت ثمنا باهضا لتسلط البابوية وأن سيولا جارفة من دماء ملايين الضحايا من القتلى والجرحى والمعذبين والمضطهدين ، وويلات الحروب ، وعدم استقرار الشعوب ، وتطاحن الأمم ، والصراعات والمنازعات بين البلدان والأقاليم ، ولذا فإن ردود فعل الشعوب الأوروبية على مظالم البابوية ، ومناهضتها فساد البابوية  المالي والإداري والأخلاقي وبزوغ نور الفكر الحر وشيوع مبادئ العدل والسلام كل ذلك قد أطاح بهيبة البابوية وقوض سلطاتها وجعلها تنكفئ في مساحة صغيرة لتمارس دورا وعظيا أدبيا فقط .

     وأخيرا فإن الدعوات إلى إعادة أمجاد مركزية البابوية إنما هي دعوات إلى إعادة كل تلك المآسي التي طوتها صفحات التاريخ ، الأمر الذي يعني الدعوة إلى المزيد من النزاع والشقاق والصراع في عالم اليوم المضطرب

 

 

 

Downloads

Download data is not yet available.

Downloads

Published

2017-02-12

How to Cite

خلف وليد عبد الحميد. “مركز البابوية في الموروث الديني المسيحي”. Faculty of Jurisprudence Journal , vol. 16, no. 1, Feb. 2017, https://journal.uokufa.edu.iq/index.php/fqhj/article/view/8802.