الديانات التوحيدية وأثرها في العقلية العربية قبل الإسلام

الملخص

عرف العرب قبل الإسلام – شأنهم شأن الشعوب الأخرى- الآلهة وتعبدوها وفكروا في وجود قوى عليا لها عليهم وعلى حياتهم تأثير وسلطان، فحاولوا كما وحاول غيرهم التقرب منها واسترضاءها بمختلف الوسائل والطرق، ووضعوا لها أسماء وصفات، وخاطبوها بألسنتهم وبقلوبهم، وسلكوا في ذلك جملة مسالك، كونت فيما بعد معتنقات ومعتقدات اجتمع الناس على التعبد بها فعرف ما نسميه في لغاتنا بالأديان( ). وقد كانت عقيدة العرب قديماً بدائية جداً، وان دخول الملل الموحدة إلى الجزيرة العربية هو العامل الأساس الذي بلور الوعي الديني وطور المعتقدات عندهم، فلم يبد أن العربي كان قبل ذلك مهتماً بالحياة الروحية، ومن ثم فلا عجب أن بلاد العرب كانت موطناً لمزيج من الديانات التي ترتبط مع بعضها البعض بخواص عديدة أسهمت في قبولها هناك، أهمها حاجة السكان إلى قوانين تشريعية للبلاد، لتنظيم حياتهم الاجتماعية والدينية. ركزت الدراسة على الديانات التوحيدية التي وجدت في الجزيرة العربية خير مقام لها وأثرت كثيراً في العقلية العربية هناك، على الرغم من تعدد الديانات السماوية والوضعية في بلاد العرب يوم ذاك، وذلك لكون تلك الديانات هي التي صاغت الحياة الدينية للعربي وبلورتها بالشكل الذي أصبحت فيه جزءا لا يتجزأ من أغلب معتقدات وممارسات المجتمع آنذاك فدخلت حياتهم وظهرت في أشعارهم حتى دون أن يكون أغلب العرب قد فطنوا لذلك. وقد استفادت الديانات التوحيدية من ذلك أيما استفادة إذ أصبح لمعتنقيها المكانة المميزة في المجتمع العربي قبل الإسلام، كما وإنهم نعموا بالكثير من الاستقرار في أرض العرب على خلاف الكثير من الأماكن التي سبق أن عاشوا فيها، مما مكنهم من نشر أفكارهم التوحيدية بسهولة.