التقابل الدلالي في شعر الشيخ الدكتور احمد الوائلي

الملخص

لقد شغل الشيخ الدكتور أحمد الوائلي (رحمه الله) مساحة منفسحة الأرجاء بين أقران عصره من الخطباء والأدباء والشعراء وأهل صناعة النتاج الإنساني بوجه عام، ولا نبتعد عن الحقيقية إذا قلنا: إن الوائلي كان موسوعي المعرفة، واسع الأطلاع،متعدد المواهب.
إن موسوعية الوائلي وتعدد معارفه وتخصصاته العلمية والأدبية لم تأت من تحصيل نمطي لهذه المعارف، بل هي نتاج أخذه من مشارب متنوعة، لعل من مقدماتها: نشأته العلمية في بيته، ثم بيئة النجف وصبغتها المعروفة، ثم تحصيله العلمي الحوزوي، والجامعي، وأسفاره وتنقله بين العواصم والبلدان في رحلة امتدت عقودا من الزمن. فضلا عما يتمتع به الوائلي من ألمعية وحضور نتيجة لتراكمه المعرفي الذي وعته نفس طمّاحة موهوبة متطلعة الى إعادة الوجه المشرق للفكر المعرفي الإسلامي.
لقد طغت الخطابة الحسينية على بقية نشاطات الشيخ الوائلي حتى تفرد بعمادة المنبر الحسيني عقودا من الزمن، وذاع صيته خطيبا بارعا مفوها لا يبارى. ولعل انتشار هذا النمط من النشاط الإنساني من نشاطات الوائلي بهذه الصورة يعود الى اهتمام السواد الأعظم من الناس به عبر أجيال متعاقبة.
إن المتابع المتخصص أو الباحث في النشاط الإنساني بشتى صنوفه يعرف للوائلي نشاطات أخرى برع فيها وتفوق على معاصريه، منها موهبته الشعرية التي أظهرت الى محبيه ديوان شعر من جزأين.
لقد ضم هذا الديوان أغراضا شتى لم يُذهب بها بعيدا عن الأغراض المعروفة في عمود القصيدة العربية التقليدية. ولا يريد البحث الانسياح في وصف الديوان أو دراسته بقدر  مايريد الإشارة الى شاعرية الوائلي التي تُعرف للقارئ، وليس من خلال وصف الواصفين. فقد قرأت الديوان بيتا بيتا، ثم تركيبا فتركيبا، ثم دخلت الى المفردات لأخرج ما تقابل منها دلاليا، فوجدت الوائلي ثرياً في الخزين اللغوي، يطوّع المفردة عند الصورة التي يريد، والدلالة التي يرمي اليها.
هذا البحث إطلالة وفاء لذكرى الوائلي، الشاعر. قرأت فيه ديوانه ــ بجزأيه ــ من أول بيت فيه الى آخر بيت مستقريا ما ورد فيه من تقابلات بين الألفاظ التي ائتلفت منها أبياته، وما نتج عن هذه التقابلات من دلالة بحسب أنواعها التي سنذكرها في خطة البحث. وكانت النية أن يشتمل البحث على جزأي الديوان، وعند اكتمال إخراج مادة البحث من الديوان بجزأيه أرغمتني على أن أقصر هذه المادة على الجزء الأول منه؛ لخروج البحث من دائرة الحجم المألوف في مثل هذه البحوث، لاسيما تعليمات النشر في المجلات العلمية، والنية قائمة على إتمامه ونشره مع أقرب فرصة .