الحسن والقبح عند العلامة ابن المطهر الحلي

الملخص

يعد البحث في مسألة العقل العملي من أقدم المسائل التي بحثها علماء الحكمة والأخلاق, راجياً منه إرساء وتثبيت الأسس لمجموعة من القيم الأخلاقية والقواعد الفلسفية, وكان لقدماء علماء الإغريق واليونان السبق في بحث هذه المسألة, بل يحسب لهم ابتكارها, وقد استعملوها في إثبات المُثل العالية للأخلاق, وتداولوا القاعدة لإثبات كثير من القيم الأخلاقية والدفاع عنها، وقرروا : إن الصدق وأداء الأمانة ولزوم العمل بالميثاق واحترام حقوق الآخرين وغيرها, من القيم الأخلاقية يجب فعلها باعتبار حسن للجميع، كما أن الكذب والخيانة والحنث وعدم احترام الآخرين وما شاكلتها, من الأفعال التي يجب تركها ولا ينبغي فعلها لأنها قبيحة .

ولم يكن علماء المسلمين بعيدين عن البحث في هذا المضمار, بل خاضوا غمار تلك المسألة وبحثوا فيها بحثاً مبسوطاً, عجت بها كتبهم العلمية الإنسانية - الكلامية وغير الكلامية –, بحيث لم يبلغ أحد من بعدهم في تفريع هذه المسألة وتشريحها إلى المرتبةَ التي وصل إليها الإسلاميون, فقد بُحثت في جملة من العلوم من عدة جهات بما يناسب غرض كل علم الذي لأجله دونت مسائله .

فبعد ما استعملت مسألة الحسن والقبح من قبل علماء الإغريق لإرساء القيم الأخلاقية, نحى  بها علماء علم الكلام منحى أخر, فكان لهم الدور المميز البارز في بحث تلك المسألة, حيث كان همهم الأول إثبات التوحيد والعدل من خلال تلك المسألة, لردع كل من تسول نفسه بالشك وينادي بالشرك, والدعوة إلى توحيده في جميع مراتبه – الذات والأفعال والصفات